الخميس 28 نوفمبر 2024

رواية جميلة جدا للكاتبة دعاء عبد الرحمن الجزء الثالث

انت في الصفحة 19 من 52 صفحات

موقع أيام نيوز


يعنى ايه سمعت كلامه ليه مش هما اللى عاملينه وأدرى بيه 
عقد بلال بين حاجبيه وقال 
صاحب المحل اللى اشتريت منه السخان متشدد زينا
صوب الجميع نظرة لبلال الذى كان يتحدث باريحية وسلاسة فى الحديث والغلاف الذى كان يميز حديثه هو المنطق والهدوء ... وخصيصا عندما ظهرت علامات الدهشة على وجه الرجل وقال بحيرة 

مش فاهم
عقد بلال ذراعيه بهدوء وهو يقول 
يعنى ربنا سبحانه وتعإلى هو اللى خلقنا وهو اللى قالنا عن طريق رسولنا محمد صل الله عليه وسلم أن ده حرام وده حلال سواء فى القرآن أو فى السنة .. 
يعنى القرآن والسنة دول ومن بعديهم اقوال السلف الصالح هما الكتالوج بتاعنا 
علشان كده لما أنا أقرا فى الكتالوج ده وأعرف أن ده حرام واقولك عليه مينفعش حضرتك تقول عليا متشدد لانى كل اللى عليا أنى بنقل لحضرتك كلام ربنا وأوامره ونواهيه مش أكتر من كده يبقى انا متشدد ليه بقى
أطرق الرجل مفكرا وسادت همهمة بسيطة خاڤتة بين شركائهم فى الزنزانة معجبين بحديث بلال بينما ابتسم فارس وهو ينظر لبلال بإعجاب شديد..
فأردف بلال قائلا
وزى ما حضرتك متأكد ان المصنع اللى صنع السخان وعمل الكتالوج وحط فيه ضوابط للتشغيل هو أدرى بالسخان وباللى ينفعله واللى مينفعلوش 
واللى يبوظه واللى ميبوظوش يبقى برضة لازم حضرتك تبقى متأكد أن الحړام والحلال دول مش علشان يضايقوا حضرتك لاء ده علشان ربنا سبحانه وتعإلى هو اللى خلقنا وهو أدرى بينا وبقلوبنا وايه اللى يخلينا عباد الله المؤمنين وايه اللى يخلى قلوبنا فاسدة والعياذ بالله . 
فتحت عبير باب شقتها لعزة التى دخلت مسرعة وقالت بلهفة 
عبير عرفنا مكانهم يا عبير
أتسعت عيناها وتشبثت بملابسها وهى تقول بلهفة أكبر 
بالله عليكى يا عزة عرفتوا مكانهم.. طب هما فين وعاملين ايه وعرفتوا ازاى 
جاءت أم بلال على صوت عبير الملهوف وتعلق بصرها بعزة وهى تنقل بصرها بينهما
وتقول 
الأستاذ صلاح اللى عمرو كان شغال عندهم فى الشركة كان جه سأل على عمرو من يومين كده ..ولما عرف اللى حصل قالى أنهم هيحاولوا يعرفوا طريقهم .. واتصل بيا النهاردة من شوية وبلغنى أنهم عرفوا انهم موجودين فى سجن طره وانهم كويسين أوى وبيتعاملوا كويس أوى ومفيش تهمة معينة متوجهالهم وهيخرجوا قريب ان شاء الله
وضعت أم بلال يدها على صدرها وهى تقول 
الحمد لله
هوت عبير إلى الأرض ساجدة تبكى وتدعوا وهى تشعر أن قلبها لم يعد ينبض منذ أن غادرها فى ذلك اليوم المشئوم ولكنها بدأت تطمئن شيئا قليلا بعد هذه الأخبار وأخذت تدعوا الله أن يرده إليها ردا جميلا وأن يحفظه.
عانقت أم فارس مهرة وهما يبكيان من الفرحة لمجرد أن علموا أنه بخير ولم يصبه مكروه مما كانوا يسمعوا عما يحدث للمعتقلين من قبل ... أبتعدت مهرة قليلا وهى ممسكة بيد أم فارس وقالت بهيستيرية 
لازم نعمل المستحيل ونروح نشوفه يا ماما
أبتسمت أم فارس وهى تستمع لتلك الكلمة من فمها لأول مرة وقالت 
يابنتى الحمد لله اننا عرفنا مكانه وأنه بخير هو وصحابه الحمد لله.. مش عارفة بقى حكاية الزيارة دى هتنفع ولا لاء وهنعملها ازاى ...
صمتت قليلا ثم قالت 
انا هتصل ب دنيا علشان ابلغها الأخبار الحلوة دى .. وأكيد هى مش هتسكت وهتحاول تروحله وساعتها تبقى تاخدنا معاها ..
هرولت مهرة إلى الهاتف وهى تقول بلهفة 
طب يا ماما كلميها دلوقتى مش لازم نضيع وقت
أخذت أم فارس الهاتف وقصت عليها ماحدث مما جعل دنيا تبتلع ريقها بصعوبة واستشعرت الخۏف من احتمالية خروج فارس بهذه السرعة فالقضية ما زال أمامها شهرين على الأقل قبل النطق بالحكم سمعت أم فارس وهى تقطع عليها أفكارها فقالت 
ايوا معاكى .. طيب انا هشوف الحكاية دى وابلغك بالتطورات قريب أوى ان شاء الله.. أنا هقفل دلوقتى علشان معايا شغل مهم ..
أغلقت أم فارس الهاتف وهى تنظر له مندهشة وتقول متعجبة
غريبة أوى .. كنت فكراها هتطير من الفرحة مش عارفة كلمتنى كده ليه أنا قلبى مش مطمن 
قالت مهرة بسرعة 
خلاص يا ماما متزعليش نفسك انا هحاول مع علاء تانى
نظرت لها أم فارس غير راضية وقالت باستنكار 
لاء مش عاوزين منه حاجة.. مش كفاية اللى عملوا فيكى قبل كده.. هترجعى تتذليلوا تانى
نظرت أمامها بشرود وهى تقول بخفوت 
زى بعضه تانى وتالت كله فداهم
وضعت أم يحيى أكواب الشاى أمام علاء ومهرة وهى تقول برجاء
معلش يا علاء علشان خاطرى انا حاول
هز علاء رأسه نفيا وهو ينظر إلى عينيى مهرة الراجية ويقول 
كله إلا سمعتى مقدرش أنا نجم ولو سمعتى حصلها خدش واحد موهبتى مش هتنفعنى
نظر له يحيى بإزدراء لأول مرة يراه على حقيقته زال الأنبهار الذى كان يشعر به تجاهه وقال بنفور 
كل ده ميجيش حاجة قدام حياة تلاتة كنا بنعتبرهم مثلنا الأعلى 
نظر له علاء متهكما وقال بسخرية 
مثلك الاعلى أنت مش أنا
شعرت مهرة ببغض شديد تجاهه وهى تتبادل النظرات المعاتبة مع والدتها وهى تقول موجهة الحديث إليه 
والدكتور بلال ميخصكش هو كمان.. مش ده كان ليه فضل عليك بعد ربنا
وضع علاء كوب الشاى بعصبية وقال 
أنا أول مرة اعرف أن لما راجل يروح يزور مراته تقعد تكلمه على رجالة تانين أنا لو كنت اعرف كده مكنتش جيت من أساسه ..
هب واقفا وانصرف بعصبية ..كان يشعر بوخز الضمير تجاه بلال ولكن كرهه لفارس جعله يتناسى أمرهم جميعا .. أقترب يحيى من أخته وهو يقول بأسى 
معلش يا مهرة متزعليش نفسك 
نظرت لوالدتها مرة أخرى وهى تقول 
انا مش زعلانه منه ..أنا زعلانة عليه ..اللى زى ده بيفضل طول عمره عايش لنفسه وبس ..علشان كده لما عمره هيخلص محدش حتى هيفتكر يترحم عليه.
مر شهرا كاملا ثلاثون يوما حتى تكونت صداقة بين أبطالنا الثلاث وزملائهم فى الزنزانة
حتى جاء ذلك اليوم الذى فتحت فيه بوابة زنزانتهم الحديدية معلنة عن قدوم أحد ما ... دخل الشويش المسؤل عنهم و بصوته الغليظ أشار ل عمرو قائلا 
يالا علشان هتخرج يا عمرو
هب عمرو واقفا غير مصدق لما سمع ونظر إلى بلال وفارس وقال 
طب وهما
صړخ الشاويش فيه بنبرة قاسېة 
يالا ياخويا.. هى رحلة .. أنت بس اللى هتخرج
نهض فارس وبلال عانقاه بحرارة وقد دمعت عينيه وهو يقول 
مش هسيبكوا وامشى 
أبتسم فارس وهو يدفعه فى كتفه قائلا
يالا يابنى هتعملى فيها بطل ولا أيه.. ده احنا مصدقنا حد يطلع يطمنهم علينا.. يالا ..
أمسكه بلال من كتفه قائلا بعينين دامعتين 
خلى مراتك تروح لمراتى وتطمنها عليا
ثم ابتسم وهو يردف قائلا
وعلشان تصدق انى انا اللى باعتلها الرسالة الشفوية.. دى خاليها تقولها..بلال بيقولك انت وحشتينى أوى وبضمير..
أومأ عمرو وقد حفظ رسالة بلال ونظر لفارس
 

18  19  20 

انت في الصفحة 19 من 52 صفحات