قصة جميلة جدا كاملة الفصول بقلم الكاتبة مروة جمال
انت في الصفحة 1 من 92 صفحات
الفصل الأول
منذ عامين
إيناس إيناس
كان يقف على شاطئ البحر وينادي عليها بصوت مرح
إيناس خلاص الشط كله عرف إسمي
شريف وكمان حيعرفوا إنك حبيبتي
إيناس يا مچنون
شريف كده طيب جبتيه لنفسك
إيناس حتعمل إيه
شريف حتشوفي
بمرح نعم كانت تلك لحظاتي معك يا شريفلحظات من المرح مجرد لحظات فلقد تركتني بعد الزواج بشهر واحد
بجانب الفراش تجلس سيدة باكية ملامحها تنبئ بعمر يفوق عمرها الحقيقي ببضع سنوات يداها المرتعشة تمسك بمصحف صغير تتمتم بكلمات الرحمن في خشوع وبكاء كانت تغوص في ذاكرتها وتعود لمنزلها الدافئ بعيدا عن برودة المشفى التي تحمل روائح الداء والدواء معا فثريا سيدة مصرية تقليدية منزلها هو مملكتها الصغيرة التي طالما إحتضنتها وقدستها لأبلغ الحدود فمجرد أن تدلف للمنزل تشعر بالحميمية والدفئ الصادرة من الحوائط ذات اللون القاتم الذي يذكرك بغروب الشمسالأثاث العتيق والسجاد الفاخر عبق الروائح المميزة الصادرة من مطبخها منبئة بطعام دافئ ټشتم طعمه اللذيذ قبل أن تتذوقهزمت شفتيها وهي تحاول أن تتذكر مملكتها الغالية التي تركتها منذ أيام قابعة بهذا المشفى هي وإبنتها وزوجها تاركة إبنها الأصغر ليعيث في منزلها فسادا أغلقت المصحف وإبتسمت بسخرية فهي تشغل نفسها بالتفكير في المنزل ربما لتنسى ولو للحظات ما حل بإبنتها !!!!!
عبد الرحمن بيقول حالة إنهيار عصبي
ثريا باكية منا عارفة بس إحنا بقالنا أسبوع دلوقتي وهي مش دريانه بحاجه
عبد الرحمن واخدة مهدئات كتير
ثريا يا عيني عليكي يا بنتي ملحقتيش تتهني
عبد الرحمن خلاص بقه يا ثريا إدعيلها
عبد الرحمن أستغفر الله العظيم يا رب يا شيخة حرام عليكي بلاش الفال ده إستهدي بالله كده وإقريلها قرآن
ثريا ونعم بالله طيب يعني هي حتفضل نايمة كده لإمتى
عبد الرحمن معرفش بس بيقولوا لازم يخففوا جرعات المهدئ لإنها كده مش دريانه بحاجه خالص والدكتور النفسي بعد كده حيساعدها تتقبل اللي حصل
عبد الرحمن مضطرين يا ثريا إنتي نسيتي حالة بنتك كانت عاملة إزاي بعد ما ماټ
ثريا متفكرنيش متفكرنيش أبوس إيدك
عبد الرحمن لا حول ولا قوة إلا بالله يارب صبرها وصبرنا أنا حاروح أصلي العصر على بال ما الدكتور يجي
ثريا إدعيلها يا أبو أيمن
عبد الرحمن بدعيلها في كل وقت يارب ألطف بيها وبينا يا رب
ولد حب شريف وإيناس منذ عدة سنوات عندما قطن شريف بالشقة المقابلة لشقتهم شاب من أحد المدن الصغيرة المجاورة للقاهرة ذو خلق دمث وحال ميسور إستأجر تلك الشقة بعد أن إنتقل للعمل في القاهرة لفتت نظرة تلك الشابة رقيقة الملامح خجولة للغاية إعتاد ان يراها يوميا في الصباح وهي متوجه للجامعة سلبت لبه وأصبحت ملكة أحلامه وشغل هو تفكيرها بإبتسامته الساحرة التي إعتاد أن يحييها بها كلما رآها قصة حب بدأت وإستمرت لسنوات وكللت بالزواج زواج لم يدم سوى شهر واحد لينتهي بأسوأ خبر نعم صډمته سيارة وإنتهت حياته مع توقف صوت جهاز ضربات القلب بغرفة العناية المركزة لتسقط هي الأخرى بعد حالة شديدة من الإنهيار وتبدأ رحلة العلاج النفسي في محاولة لتجميع بقايا إنسانة
الفصل الثاني
كانت ثريا تقف خارج الغرفة وتضع يدها على فمها لتمنع نفسها من البكاء كانت قدماها لا تقوى على حملها فصړاخ إيناس يمتد لآخر المشفى خرج الطبيب النفسي لاهثا دون أن ينظر نحوها وتتبعه الممرضة أمسكت ثريا بذراعها پعنف قائلة بنتي مالها عملتوا فيها
نظرت لها الممرضة بشفقة ثم إنتظرت بعد أن إبتعد الطبيب إهدي يا حاجه
ثريا بنفس النبرة الغاضبة أهدى إزاي البنت في حالة إنهيار
الممرضة معلش هي كانت بتاخد مهدئات جامدة وعايشة برة الواقع ولازم تواجهه ده في الأول بس الدكتور إداها دوا مهدئ بس أبسط من الأولاني ومع الوقت حتتحسن بس حنتعب في الأول شوية
ثريا بس الدكتور خارج شكله ميطمنش
الممرضة لا لا أصله متنرفذ من الدكتور الأولاني اللي إستسهل بمهدئات قوية وشايف إن ده مش صح
ثريا يعني إيه مش فاهمه
الممرضة يا حاجه أقعدي جنبها وإرقيها وإقرأي قرآن خليها كده تهدى وترضى بقضاء ربنا ومعلش أزمة وحتعدي
تركت ثريا الممرضة وعادت مرة أخرى لغرفة إيناس وأهالها
ما رأت على وجهها
من شحوب إنفجرت في البكاء قهرا على حال إبنتها وظلت تدعو ربها تضرعا أن تمر الأيام وتخرج إبنتها من تلك الحالة
مرت عدة أيام وبدأ العلاج النفسي ينبئ بتقدم مع إيناس بدأت تعود للواقع رويدا رويدا بأعصاب متماسكة نوعا ما ولكن بقلب مڼهار خرجت من المشفى أخيرا بعد مرور شهر و بضعة أيام وعادت للمنزل كانت والدتها سعيدة بتلك الخطوة فإبنتها ستبتعد أخيرا عن جو المشفى بمرضه وكآبته ولكن كان القلق يستبد بوالدها فالمنزل كل ما فيه ينبض بذكرى شريف والشقة المقابلة هي شقة عرسها التي لما تقضي بها سوى عدة أيام وقد كان والدها على حق فلم يمض على وجودها ساعة بمنزلها حتى إنزوت في غرفتها بعيدة وحيدة على الرغم من هدوئها وخروجها من بؤرة الإنهيار إلا أن صمتها كان يذبحهم جميعا وكأنها على شفا کاړثة فهي لا تفعل شيئا سوى النظر لتلك الشرفة الذي إعتاد شريف مشاغلتها من خلالها وإطلاق العنان لدموعها التي يبدو أن منبعها لن ينبض أبدا
ذكريات
كان ينتظرها يوميا يقف بالشرفة ممسكا بهاتفه ونظراته موجهه نحوها بدون إنقطاع
شريف بحبك
تنظر له بإبتسامة يشوبها الخجل ثم تتلفت حولها والهاتف ما زال على أذنها
شريف سامعاني
إيناس سامعاك
شريف بحبك
إيناس
شريف بمۏت في كسوفك بس بجد نفسي أسمعها منك
إيناس هي إيه
شريف كلمة بحبك
إيناس تنظر للأرض وتهمس بصوت منخفض بحبك
يسقط شريف أرضا بطريقة درامية وهو ممسك بقلبه
إيناس يا مچنون
شريف بيكي
إيناس طيب أنا لازم أدخل أوكيه
شريف لا إله إلا الله
إيناس محمد رسول الله
كانت تذرف الدموع وهي تتذكر لحظات العشق بينها وبينه تلك الشرفة التي شهدت أجمل أيام عمرها
كان الدكتور علي ما زال بعيادته يستقبل الحالات المعتاده شعر الطبيب الأربعيني بالإنهاك وود أن يقوم بإلغاء جميع الكشوفات لولا أن أخبره مساعده بأنها آخر حالة كان ما زال شاردا بأوراقه عندما دخل عليه الرجل صاحب الميعاد كبير السن يرتدي نظارة طبية سميكة الإطار وله شعر رمادي وقد إسترسل بنعومة خلف أذنه وشارب بنفس لون شعره أعطاه هيبة ووقارا ملحوظا تذكره الطبيب على الفور بمجرد رؤيته رغم مرور حوالي ستة أشهر على خروج إيناس من المشفى إستقبله بإبتسامة ودهشة قائلا أهلا أستاذ عبد الرحمن إتفضل
عبد الرحمن متشكر يا دكتور
الطبيب خير مدام إيناس عاملة إيه
تنهد عبد الرحمن پألم ثم تابع ماهو ده السبب اللي أنا جايلك علشانه
نظر له على بإهتمام كان يشعر بنوع من المسؤولية عن حالة إيناس فلقد إنهارت بالمشفى مباشرة بعد ۏفاة زوجها ولم يكن هو متواجد بتلك الفترة حيث كان قد سافر لحضور أحد المؤتمرات بعد أن رشح طبيب شاب ليحل محله وعاد ليفاجئ بحالة إيناس التي زادت تدهورا بعد أن إتخذ الطبيب الطريق السهل وقام بحقنها بأقوى المهدئات لتعيش بعالم منفصل عن واقعها الأليم وعانت وعانى معها في فترة العلاج رفض هذا الواقع
نظر علي لزائره بإمعان ثم تابع خير قلقتني
عبد الرحمن إيناس رجعت حالتها إتدهورت تاني يا دكتور تقريبا مش عايشة معانا بتنام كتير قوي زي ما تكون عايزة تهرب من الدنيا ولما بتكون صاحية علطول سرحانه وقاعدة في أوضتها تبص على شقته وتفكر فيه
على شقته !!!!
عبد الرحمن ماهو شريف الله يرحمه كان جارنا وساكن قدامنا
شعر علي پغضب شديد وقال للرجل في لوم إزاي يا أستاذ عبد الرحمن ماتقوليش معلومة مهمة زي دي انا كنت نبهت عليكم متجيبوش سيرة الماضي أصلا قدامها أتاريها قاعدة جوه الماضي وشايفاه قدامها ليل ونهار
عبد الرحمن يا دكتور طيب كنا حنعمل ايه ده بيتنا وحياتنا أنا بجد مش عارف
علي إيناس مشكلتها دلوقتي إنه كل حاجه حواليها بتفكرها بشريف وهي رافضة الواقع ومش قادره تعيش فيه علشان كده بتهرب للماضي في أحلامها لازم يحصل تغيير شوية مضادات الإكتئاب والعلاج مش كفاية هي بتشتغل
عبدالرحمن الحقيقة بعد ما إتخرجت إتجوزت علطول وماشتغلتش
علي لازم تتشتغل وتخرج من الدوامة دي تشوف ناس جديدة تبدأ حياه جديدة تخرجها من بؤرة الماضي ولازم تبعد شوية تغير مكان ووجوه آسف بس ده الحل الوحيد هي خريجة إيه
عبد الرحمن إيناس خريجة طب بيطري
صمت علي لفترة ثم لمعت عيناه وقال أنا عندي الحل يا أستاذ عبد الرحمن إيناس مش محتاجه علاجي وأدويتي بس إيناس محتاجه تبعد محتاجة حياة جديدة ووجوه مختلفة تشغل واقعها وتخرجها بره أحلامها وهمومها
لو معندكش مانع أنا عندي شغل كويس لإيناس ومكان أحسن تبدأ في من جديد
نظر له عبد الرحمن بإهتمام وقال حل حل إيه
علي أختي جوزها بيشتغل في مزرعة كبيرة قوي في طريق مصر إسكندرية الصحرواي المكان فيه مصانع لإنتاج الألبان وطبعا أراضي زراعية مكان تحفه وكمان من فترة كانوا بيدورا على طبيب بيطري يهتم بمزرعة الخيل وطبعا حيقيم هناك إيه رأيك
عبد الرحمن أيوه بس
علي حضرتك متردد علشان هي بنت إعتبرها إشتغلت في
بلد تانية وده بيحصل مع ناس