الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

رواية جميلة جدا للكاتبة دعاء عبد الرحمن الجزء الثالث

انت في الصفحة 7 من 52 صفحات

موقع أيام نيوز


بشرود 
السؤال ده لوحده محتاج عتاب
قرأ رسالتها ووضع الهاتف على مكتبه وډفن وجهه بين يديه وقد ازدادت حيرته واشتعلت التساؤلات فى قلبه من جديد زفر بقوة وتناول القهوة التى وضعت أمامه بتمهل وبدأ فى فتح ملف القضية ...وهو لا يعلم أنه فتح عليه باب من أبواب جهنم .
قلب أوارقها بهدوء وتركيز وعيناه تجرى بين السطور حتى شعر پألم فى رأسه وصداع شديد من كثرة التفكير وقد شتت أفكاره تماما لم يعد قادرا على قراءة المزيد ..طرقت نورا باب مكتبه ودخلت بعد ما سمعت الأذن بالدخول ...دخلت وقد تغيرت ملامحا تماما وبدا عليها القلق وقالت فى عجلة كبيرة 

من فضلك يا دكتور ممكن أستئذن دلوقتى ..جوزى كلمنى وشكله تعبان أوى
قال فارس وهو يضغط جبينه بيده من شدة الألم 
طيب مستنية أيه ..يالا روحى بسرعة ولو محتاجة أجازة مفيش مشكلة
قالت بامتنان وهى تغادر 
متشكره أوى يا دكتور فارس
غادرت نورا على الفور بينما بحث هو عن دواء لألم الرأس ولكنه لم يجد فنهض فى تعب وأخذ الملف معه وقرر أن يكمله فى المنزل .
كانت دنيا تجلس أمام التلفاز تتنقل بين قنواته فى ملل وقد تركتها أم فارس ودخلت غرفتها لتنام فهى لم تعتاد السهر الطويل .. أغلقت دنيا جهاز التلفاز واتجهت لغرفتها وتناولت هاتفها من فوق الطاوله ودخلت غرفتها وآوت إلى فراشها ..أستلقت على الفراش وهى تفكر فى حالها وكيف سينتهى زواجها وهل سيطلقها فعلا أم ستتغير الأمور أنتبهت على صوت رنين هاتفها تناولته ونظرت فيه فزفرت بملل وردت بتثاقل قائلة 
أيوا
رد المتصل بلهفة قائلا
ايوا يا أستاذة.. أنا وائل
قالت بضيق 
منا عارفة يا وائل خير فى حاجة ولا أيه
قال بشغف 
قضية يا أستاذة.. أنما أيه هتنقلنا نقلة كبيرة أوى
قالت بازدراء
أفندم 
أستدرك متوترا
قصدى يعنى هتنقل الدكتور فارس والمكتب نقلة جامدة أوى
بدأ الاهتمام يتسرب إلى صوتها وهى تقول 
نظامها أيه القضية دى
قال على الفور
أبن راجل مليادير متهم فى قضية قتل والراجل جاى مخصوص للدكتور فارس وعاوزه يشتغلها بنفسه ومستعد يدفع بدل المليون تلاتة
سال لعابها عندما سمعت الرقم وقالت بخفوت 
وأنت عرفت منين
قال وائل متهكما
يا أستاذة انا مفيش حاجة تخفى عليا فى المكتب.. أومال حضرتك أخترتينى أنا ليه علشان ابقى أيدك اليمين فى غيابك
طيب متشكره أوى يا وائل
أردف وائل قائلا بلهفة
أستنى يا أستاذة.. مش ده كل اللى عندى
أرهفت سمعها له وهو يتابع قائلا
القضية دى أتنشرت فى الجرايد من يومين بس.. وانا قريت تفاصيلها كلها ولما شمشمت حواليها عرفت أن فى محضر تحريات وشهود بيدينوا الواد المتهم فى القضية علشان كده انا قلقان أن الدكتور فارس يرفضها
سكت ثانية من الوقت واستدرك قائلا
لاء ده انا متأكد كمان انه هيرفضها ولو اتعرضت على الدكتور حمدى هو كمان هيرفضها الواد المتهم شكله مش مظلوم وده اللى مخلينى متأكد ان فارس باشا هيرفض يشتغلها وهيضيع علينا المبلغ المهول ده
تسرب القلق إليها فهى تعرف طريقة تفكير فارس جيدا وتعلم أنه لو وجد المتهم غير مفترى عليه وبأنه قاټل فعلا سيرفض الدفاع عنه مهما كانت الأتعاب مغرية ..فقالت فى توتر
طب وانت أيه رأيك يا وائل
لاحت أبتسامة نصر على شفتيه وهو يقول 
بسيطة يا أستاذة ..حضرتك ممكن تاخدى وتدى معاه فى القضية لو لقتيه قبلها خلاص بركه يا جامع لو لقتيه رافض يبقى مفيش غير حل واحد..
ايه هو !!
حضرتك تشتغلى القضية بنفسك
ضحكت وهى تقول 
أنت بتهزر مش كده ..أشتغلها ازاى يعنى وأبو المتهم هيرضى يخلينى أخدها أزاى يا فالح
قال بسرعة
يا أستاذة القضية مش محتاجة شغل كتير زى ما انت فاهمة ..لو أعتمدنا على شغل المحاماة يبقى الواد هياخد أعدام.. القضية دى عاوزه شغل من نوع تانى
قالت بترقب 
مش فاهمة ...
شوفى يا أستاذة.. القضية كلها مربط الفرس فيها التحريات والشهود ولو تقرير التحريات اتسحب من الملف بصنعة لطافة والشهود غيروا أقوالهم يبقى مفيش دليل والواد هيطلع براءة
قالت بحنق 
وانت فاكر بقى انى اعرف أوصل للورقة دى و حتى لو عملت كده فارس مش هيسكت ده غير أنه لو رفض القضية الراجل أصلا مش هيرضى حد مش معروف زى يشتغلها مهما قلناله
نظر وائل للجالس بجواره مبتسما بانتصار وقال لها 
المشكلتين دول محدش هيقدر عليهم غير واحد بس...الأستاذ باسم
أعتدلت على الفراش وكأن حية قد لدغتها وهتفت متسائلة
باسم مين ..اللى كان معانا فى المكتب 
قال وائل مؤكدا
هو الوحيد اللى كان فى مكتبنا ليه معارف كتير فى النيابة ويقدر يخلصلنا موضوع الورقة والشهود وهو برضة اللى هيقدر يلاقى حل لمشكلة الدكتور فارس
صمتت دنيا لتفكر بالأمر كادت أن ترفض وتنهى المكالمة على الفور رافضة للعرض والأقتراح ولكن المبلغ المعروض أدار رأسها ليس بهين على الأطلاق إنه كافى أن يذيب الصخور بينها وبين باسم وينسيها ما فعله بها وما تلاقيه الآن بسببه وأن يلتقيا من أجله مرة أخرى ..قالت فى تردد 
طب أدينى فرصة افكر
أنهى وائل المكالمة معها ووضع الهاتف فى جيبه وهو ينظر لباسم الذى كان يقف بجواره ويلقنه بعض الكلمات ..ربت باسم على كتف وائل وهو ينظر أمامه بتفكير قائلا
برافوا عليك
قال وائل لاهثا 
متأكد يا أستاذ باسم أنها هترضى
أبتسم باسم وهو يجلس خلف مكتبه ويشبك كفيه فى بعضهما وقال بثقة 
زى ما انا متأكد أنك واقف قدامى دلوقتى .
ثم همهم بخفوت
وقال 
دى تبيع ابوها علشان الفلوس
أنهت دنيا المكالمة وهى شاردة تماما وقد ومض فى عقلها صور متتابعة وكأنه شريط سينمائى لليوم الذى هربت من بيتها وذهبت إليه فى مكتبه وما حدث بينهما ...شعرت بغصة فى قلبها وهى تتذكر وحشيته معها ..كيف تعاود العلاقات معه من جديد بعد ما كان ..كيف تحدثه وبأى وجه تنظر إليه وينظر إليها ثانية ..دار رأسها أكثر وقد أختلط كل شى أمامها بشكل متناقض لم يخرجها منها إلا أن سمعت صوت باب الشقة وهو يغلق بهدوء فعلمت أنه حضر..أغلق فارس الباب بهدوء وهو ينظر للمنزل الهادىء حوله فى سكون.. فهذا ما كان يحتاجه فى تلك اللحظة..السكون ..جلس على أقرب مقعد ووضع الملف بجواره وارتمى بظهره إلى ظهر المقعد وفرك جبينه فى قوة فمازال يعانى من الصداع الشديد ..فى تلك اللحظة خرجت دنيا من غرفتها ونظرت إلى وجهه المتعب فاقتربت منه ومسحت على شعره وهى تقول بخفوت
مالك ..مصدع
أدار رأسه إليها وأومأ بنعم بدون كلام ...توجهت إلى غرفتها وأحضرت له قرص مسكن للألم مع كوب المياه وقالت 
هروح أعملك كوباية شاى تظبطلك دماغك
وضع كوب المياه بجواره وأغمض عينيه بإسترخاء يتلمس قليلا من الراحة والسکينة محاولا ان يبتعد بذهنه عن الافكار التى أدت به إلى هذه الحاله ...وضعت أمامه كوب الشاى وظلت تنظر إليه وهو يرتشف منه ببطء وفى صمت حتى
 

انت في الصفحة 7 من 52 صفحات