رواية رائعة بقلم شاهندة
من بين شفتيه رغما عنه وهو يتابع نظراتها ليكتمها تماما وهي تعاود النظر إليه قائلة
انا... أنا...
قال بنعومة
إنتى إيه
إبتلعت ريقها بصعوبة قائلة
أنا هاخد الحمام الأول..عن إذنك.
لتنهض بسرعة وتدلف إلى الحمام ..كاد يحيي أن يطلق سراح ضحكته وهو يتابعها ليكتمها مجددا ورحمة تفتح الباب قائلة بإضطراب
نسيت آخد هدومى.
لم ينطق يحيي بكلمة..لتذهب رحمة إلى الدولاب وتأخذ ملابسها متجهة إلى الحمام بسرعة..ومغلقة الباب خلفها ..ليطلق يحيي سراح ضحكته تلك المرة ..ضحكة فارقت شفتيه منذ زمن بعيد..يتراقص قلبه فرحا..وهو يدرك كنه حلمها من همساتها ونظراتها لملبسها وخجلها..ويدرك أن بطيات قلبها هناك مكان له ..أور ربما هي تتمناه حقا..وإلا ما كانت حلمت بمثل تلك الأحلام..ليشعر بشعور لا يستطيع وصفه من روعته..إنها أنفاس الحياة تعود إليه مجددا..فلقد كانت حياته من دونها قاحلة وجاءت هي فأعادت الألوان لحياته من جديد ومنذ اليوم الأول..وحدها من تستطيع فعل ذلك..هي..رحمته....ولا أحد غيرها.
زفر مراد قائلا
يعنى برده مصممة متنزليش تفطرى معانا
تقلبت بشرى على جنبها..تسحب الوسادة لتضعها تحت رأسها..قائلة بنعاس
تؤ تؤ..أنا قلتلك من بالليل إنى هحاول مشوفهاش كتير..عشان لما بشوفها بتعصب وساعتها إنت وأخوك هتزعلوا منى..يبقى أنزل بقى ولا أكمل نوم أحسن
تنهد مراد قائلا
لأ..كملى نوم أحسن..أنا نازل رايح الشغل ..محتاجة حاجة
كان مراد يهبط السلالم ببطئ..يحضر نفسه ربما لمشهد عاطفي ېمزق قلبه..يتمنى من الله أن يظلا هذين الزوجين بحجرتهما وأن يغادر للعمل دون أن يراهما اليوم مطلقا..توقف فى جمود حين خاب أمله و رآهما على طاولة الطعام يتناولان الإفطار..تماما كالماضي..حين كان يهبط لتناول الإفطار فيجدهما يفطران مع بعضهما البعض..وسط جو من المرح والضحك مايلبث أن يشاركهم فيه..كان
مهلا......
ها هو أخيه يسترق النظر إليها يتأملها بنظرات لم يرها فى عيني أخيه أبدا..إنها نظرات عاشق ..ربما لم ينتبه لها بالماضى ولكنه كان غرا وقتها..مشاعره ساذجة..ودون تجارب تذكر..فقط رحمة ولا أحد غيرها..لذا لم يميز نظرات العشق من نظرات المودة والأخوة..
يقول بهدوء
مراد.
فتح عيناه وهو يلتفت إليهما يختلف عن كيانه المضطرب بالكامل..قائلا
صباح الخير.
قالا سويا
صباح النور.
تخضب وجه رحمة بحمرة الخجل وهي تنظر إلى يحيي قبل أن تطرق برأسها..بينما أبعد يحيي عيونه عنها بصعوبة وحمرة الخجل تزيدها جمالا..لينظر إلى مراد قائلا
إنت كنت ماشى من غير ما تفطر يامراد
أومأ مراد برأسه قائلا
أيوة ..أصل ورايا شغل مهم وعايز أخلصه قبل الميتنج .
قال يحيي بهدوء
الميتنج مهم صحيح بس صحتك أهم يامراد ..أقعد إفطر معانا.
نظر مراد إلى رحمة ثم إلى يحيي بإرتباك قائلا
مش هينفع صدقنى.
كانت رحمة قد أعدت لمراد شطيرة سريعة وهما يتحدثان وناولته إياها قائلة
طب كل دى بس ..عشان خاطرى يامراد.
شعر مراد بالإضطراب لينظر إلى يحيي الذى ظهرت ملامحه عادية وهو يومئ له برأسه ليأخذها..ليأخذ مراد منها الشطيرة وهو حريص على أن لا تلامس يده يدها..ويحيي يجز على أسنانه ويقبض على يده بقوة كي لا يتهور..يشعر بالغيرة تحرقه..أشعلته كلمات رحمة البسيطة..وإدراكه أن مراد تأثر بها..وبإبتسامتها الحمقاء تلك والتى إرتسمت على شفتاها عندما رأت مراد يتناول شطيرته على عجل ..ليود يحيي أن يمحي تلك الإبتسامة من على وجهها حتى لا يراها غيره..ولكن وحتى دون تلك الإبتسامة تظل ملامح رحمة ملائكية جذابة ..تجذب هالتها البريئة إليها الصغير قبل الكبير..فما بالك
بقلب يعشقها كقلب مراد..وقلبه هو قبل الجميع.
إستأذن مراد كي يذهب إلى عمله فتمنى له يحيي التوفيق فى إجتماعه اليوم والإتصال به إن إحتاجه ..ليغادر مراد تتبعه العيون..قبل أن يلتفت يحيي إلى رحمة يحدجها بنظرات قاتمة