رواية كاملة ورائعه للكاتبة ډفنا عمر
ثم اقترب من جسار واحتضن براحتيه المرتجفة وجهه المطرق ببؤس مزق نياط قلبه وقال صحيح أنت مش من دمي بس ربنا عالم اني عمري ما حسيتك غريب عني..أنت بالنسبالي حفيدي الأول اللي فرحت بيه ودخل قلبي من أول ما ضميته لصدري..
ثم قبل جبينه بحنان ومازالت عين جسار جامدة زجاجية ولا تعكس جحيمه المستعار داخله شفاهه مطبقة كأنه فقد النطق سامحني ان كنت قصرت في حقك زمان وأوعي تتخلي عني أو تكرهني ياجسار انا مقدرش استغنى عنك..وصدقني أنا لو كنت حتي دورت ماكنتش هلاقي خيط يوصلني بأهلك وقتها..
_ ساعدني الاقي أهلي يا...
وقفت الكلمة بحلق جسار بعد أن كاد يناديه كما تعود.
لا لم تعد لديه حقوق على تلك العائلة.
لن يعد ينتمي لها بأي شكل.
ليجد من يقبض على كتفيه ويهزه بقوة صائحا باڼهيار مخلوط برجاء إياك تبطل تقولهالي..أنا جدك ياجسار معقولة خلاص كرهتني ومش قادر تقولها
_ مبقاش من حقي..
_ لأ حقك وحقي عليكأنا اللي حبيبتك وربيتك وكبرتك لو هطلب منك
مقابل اللي عملته المقابل الوحيد هو انك تفضل تقولهالي وماتفارقنيش.
ثم همس نادر يتوسل باكي قولي مش هسيبك ياجدي.. قول انك بتحبني..عشان خاطري ريح قلبي..
رغم كل شيء ألمه توسل جده و تلك الدمعة من عيناه فأحاط جسار خصره وغمس رأسه بصدر الجد يبكي بكاء مكتوم.. رغم ما علمه مازال يحبه.. هو من رباه و راعاه وكساه..هو من أطعمه و دواه..أنفق عليه بغير حساب.. لا يذكر مرة واحدة قسي عليه..سيظل جده وحبيبه مهما جرفته المقادير بعيدا عنه ..
رد بلهفة حانية عيون جدك يا جسار.
_ لازم أبعد عشان استوعب اللي عرفته واعيد ترتيب حياتي من تاني بس عايزك تعرف حاجة واحدة برغم اللي حصل وحتي لو لقيت أهلي هتفضل جدي الغالي اللي رباني وكبرني وعلمني ازاي اعيش وغيابي من بيتك مش معناه إن مفيش مكان هيجمعنا تاني.
قالها العجوز بعتاب باكي وخوف واستنكار فغمغم له هسيبك عشان الاقي نفسي ياجدي هحاول ادور علي اهلي يمكن الاقيهم..
_ بس مفيش أي وسيلة توصلك ليهم بعد السنين دي.
_ هحاول لو فشلت يبقي اسمي اني دورت عليهم.
ثم نهض بتثاقل والجد يتشبث بيده بكل ما أوتي من قوة ليربت جسار علي ظهر كفه ثم رفعه ولثمه وقال أوعدك مش هنساك ولا هبعد عنك.. محتاج بس مساحة ابعد واشوف هعيش ازاي ..
لعل حياة أخرى تنتظره.
حياة يعرف بها نفسه
حياة لا يشعر فيها بالضياع الذي كابده طيلة حياته
_______
وصل لمكتبه وقت السحر يترنح دلف مغلقا الباب خلفه واستند على ظهره بوهن وسريعا ما انزلق جسده أرضا..الصمت حوله يناقض الصخب داخله..حياته الماضية قامت على أعمدة من سراب تهاوت تحت قدميه وأصبحت مجرد حطام.. يشعر أنه جسد جريح مدفون تحت أنقاض لا يجد غيثا من أحد..ېصرخ.. الصړخة تزلزل روحه..ولا يسمع له أحدا صوت سرادق عزاء نصبت في قلبه بعد أن علم بمۏت والدته..خاطر ما يستصرخه لېحطم كل ما حوله راح يقذف كل ما يطاله صورته علي الجدار أسمه المزيف المنحوت فوق مجسم فخم أفلامه باهظة الثمن كتبه المتراصة على الأرفف بعثر كل شيء لتشبه بعثرة روحه تماما ثم جثى يلهث متلحفا بثوب حداد أسود غطيس کسى روحه وعادت الأسئلة تتراقص في عقله..في أي أرض نبتت جذوره.. هل أبيه حيا يرزق له أشقاء وشقيقات له عائلة من هو من
علامات استفهام تتصارع داخله گ سيوف تتقاتل لتجد إجابة واضحة..سيوف لن تغمد في حسامها قبل أن تنتصر إحداهم على الأخرى.
أنعكست أشعة الشمس من شق النافذة فبدأ يستعيد وعيه مشرعا عيناه ببطء ودار بها في محيطه لينتبه أنه في مكتبه وقد أيقن أنه ظل على جلسته حتى غفى دون أن يشعر.. ليحصد ألما في عنقه الملتوي بوضع خاطيء ومضات من أحداث ليلته الفائتة برقت في عقله فاستعاد بؤسه كاملا ومكث ساكنا لا يسمع غير أنفاسه.. التقط هاتفه من جيب بنطاله وضغط رقم سكرتيرته ثم قال باقتضاب المكتب أجازة كام يوم.. مفيش داعي تيجي لحد ما اطلبك..
أغلق دون أن يعطي لدهشتها فرصة الثرثرة لينتقل لرقم أخر مكتفيا برسالة نصية بذات المعني أشرف المكتب هيتقفل كام يوم وهقفل تليفوني واتواصل معاك بعدين.. محتاج أكون لوحدي شوية
وأرسل أخري لسارة وأدم ثم أغلق هاتفه لينال تلك الخلوة التي يطوق إليها ليستوعب ويفكر