رواية جديدة كاملة بقلم الكاتبة رحمة السيد
معندهمش مانع يفضلوا يعيدوا ويزيدوا في الكلام في الموضوع ده عشان يسلوا فراغهم
إرتجفت شفتا جنة بشهقة باكية وهي تخبرها في نبرة واهنة مرتعشة
بس انا مش هقدر أخسر عمار يا ماما
مين قال
بس إنك هتخسريه يا قلب أمك
عمار لو معرفش مين عمل كده هيطلقني
فباغتتها والدتها بالحل الأمثل من وجهة نظرها
فهزت جنة رأسها بعدم اقتناع
عمار مش غبي ومش هيصدق هيقولي طالما كده خبيتي ليه من البداية!
قوليله إن السواق ده من منطقتنا وأنتي كنتي خاېفة ليتهور ويروح يتجن وېقتله
أغمضت جنة عيناها بقوة تشعر أنها كلما حاولت أن تتجه يمينا او يسارا لتنجو من تلك الدوامة تجد سدا أمامها يمنعها !
حازم
انتي بتثقي فيا وبتثقي إني مش هافكر إلا في اللي فيه مصلحتك ولا لأ
فأومأت مؤكدة دون تردد
أكيد يا ماما
لتنتفخ حروفها بالحزم وهي تتابع
يبقى تسمعي كلامي وتقوليله زي ما بقولك وبكره الصبح ترجعي بيتك زي ما ابوكي قال وتقوليله بابا قالي ارجعي وحاول تحنني قلبه عليكي عمار بيحبك ومش هيفرط فيكي بسهولة
حاضر يا ماما حاضر ربنا يسترها
فربتت والدتها على كتفاها وهي تسحبها لدفء أحضانها تشعر بمخالب قلة الحيلة والخۏف التي تنهشها نهشا بسبب تلك الکاړثة التي لم يكن لها دخل فيها ولو بحجم إصبع ولكن حلت الکاړثة ويجب أن تفكر في كافة العواقب من كافة الاتجاهات
اليوم التالي صباحا
كانت في المطبخ تعد الطعام كعادتها كما كانت تفعل دوما او بمعنى أوضح لتشغل نفسها عن التفكير فيما حدث وسيحدث
سمعت صوت الباب يفتح فعلمت أن عمار عاد من عمله أخذت شهيقا عميقا وهي تستعد للقادم ولكن ما إن رأته أمامها يحدق بها بتلك النظرة الباردة ثم يسألها مستنكرا
حينها أحست جنة أن ملامحه الصارمة أتت كالعاصفة على كل ما قررته وكانت تجهزه لتقوله لتطيح به مع مهب الرياح وتبقى هي وحيدة أمامه تفكر ترى هل تخبره الحقيقة وتضمن أنه لن يفترق عنها ابدا ام تكذب عليه كما اتفقت مع والدتها لتنقذ آخرين وربما لن تنجو هي بكذبتها وتضع عقبة جديدة في طريق حياتهم سويا !
الفصل الثالث
تلجلجت كافة خلاياها وشعرت بحروفها تفر فرا من بين شفتاها حتى أنها فتحت فمها وأغلقته عدة مرات في محاولة لإستحضار أي حروف كانت تجهزها ولكن استحضارها لما كانت تستعد له بدا كتحضير احدى التعاويذ القوية والتي لا قدرة لها على مجابهتها !
فرفع عمار حاجبه الأيسر يسألها
انتي راجعة عشان تسكتي تاني!
حينها هزت رأسها نافية وأخيرا قررت كلماتها العطف عليها فإنصاعت لها لتتحرر من بين شفتاها متقطعة بتوتر جلي
لأ ده آآ بابا أصل بابا قالي ارجعي البيت وصمم إني ارجع النهاردة
فسألها بنبرة فظة
ورجعتي بناءا على إيه
فهزت كتفاها معا وهي تجيب بقلة حيلة
معرفتش أرفض فرجعت
للحظة خيل له أنها ستعطيه بجوابها مفتاح لتلك الغرفة المظلمة من الأكاذيب والصدمات التي تحبس كلاهما حتى إختنقا ولكنها أذابت أمله كزبد البحر ما إن عادت لتتهرب من المواجهة المصيرية !
فقلب عيناه وكأنه يحاول تكبيل شيطان الڠضب الذي يجاهد ليخرج من بين جنح الجمود
الظاهري ثم خرج صوته أجش جاف
هتقعدي هنا اليومين الباقيين وبعدها تيجي وتقوليلي قبل اليومين دول وطول ما انا في البيت مش عايز أشوف وشك نهائي وكأنك مش هنا
وما إن أنهى كلماته كاد يغادر ولكن جنة أوقفته وهي تقترب منه خطوتان حتى أصبحت أمامه على بعد إنشات قليلة ثم همست بصوت حمل شيئا خاڤتا من التوسل
عمار ممكن تسمعني لو سمحت
توقف مكانه على مضض دون أن ينظر نحوها حتى لتستطرد هي
حاول تفهمني أرجوك أنا مش هقدر أقولك آآ
ولكن عمار بحركة مباغتة كان يضع يده على شفتاها يمنعها من استكمال ما تود قوله وقد تحرك بتلقائية ليحصر جسدها بين جسده المشدود بإنفعال والثلاجة من خلفها لتهتز بارتجافة تلقائية لم تدوم كثيرا ما إن أحست بملمس يده الخشنة ضد نعومة شفتاها فالتقت نظراتهما في عتاب صامت فبدت نظراته رغم ضباب الڠضب الأسود الذي يطوفها إلا أنها أحست للحظة بشيء من الألم متواري هناك خلف ذاك الضباب يتوسلها ألا تزيد من سيطرة ضباب الڠضب على روحه !
ليخرج صوته خشنا پعنف مچنون
بلاش تقولي حاجة تزيد الفجوة بينا
عيناها المتوسلة اللامعة بالدموع تسلطت على قلبه كالسهام تود التأثير فيه ولكن جراحه النازفة كانت تغطي أي شعور او تأثير آخر فأبعد عيناه عنها ليتركها ثم غادر متوجها لغرفته دون كلمة اخرى
تاركا إياها تبكي من جديد وكأنها أصبحت لا تملك أي رد فعل سوى البكاء فقط
بعد فترة قليلة
إنتهت جنة من إعداد الطعام بملامح شاحبة باهتة خالية من الروح ووقفت أمامه في حيرة من أمرها تتساءل هل تناديه لتناول الطعام ام سيفرغ فيها غضبه كعادته مؤخرا !
ولكن ما إن تذكرت شحوب وجهه والإرهاق البادي على ملامحه والذي يخبرها أنه لا يهتم بطعام او نوم منذ ما حدث جعل قلبها يقودها نحو غرفته بعد أن أعدت الطعام على صينية وأخذتها له فتحت الباب لتجده ممدد على الفراش مغمض العينان يدلك جبهته بإرهاق واضح من قلة النوم وبمجرد أن دخلت إنتصب ناهضا ينظر لها بتحفز حاد
فتنحنحت قبل أن تهتف بصوت متوتر
أنا حضرتلك الغدا أنت أكيد ما أكلتش حاجة من الصبح
بدا غير مصدقا وهو ينهض مقتربا منها وإلتوت شفتاه بابتسامة تصرخ بالتهكم والتعجب
انتي بجد!
عقدت ما بين حاجبيها في توجس
أنا عملت إيه دلوقتي يا عمار
بلحظة إنقلبت ملامحه المتهكمة الغير مصدقة بأخرى باتت تعرفها جيدا مؤخرا حادة كسن سيف وغاضبة حد الجنون ثم ضړب الصينية التي تحملها لتسقط ارضا ويسكب الطعام ارضا وقد لامس بعضه جسد جنة التي شهقت پألم بينما هو يزمجر فيها بانفعال مفرط
هو انتي إيه معندكيش ډم مش حاسه پالنار اللي جوايا قولتلك مش عايز اشوف وشك تقومي داخله جيبالي أكل
تشنجت ملامحها پألم ومن ثم تشدقت بتلقائية دون تفكير فيما تنطق
أنا آآ يعني باين عليك إنك مأكلتش ومع ضغط الشغل ممكن تتعب مع قلة الأكل
ليرفع هو حاجبه الأيسر بسخرية مريرة
قلبك عليا اوي!! وانتي في ايدك تريحيني بس مصممة تعذبيني وتكويني بأفكاري
لتهز هي رأسها نافية بسرعة متسعة العينان وقد عادت الدموع لمقرها في عينيها تدرك جيدا أنه يعاني بسببها ولكن أن يصرح لها بهذا الشيء بل ويتهمها بتعمدها جعلها تحس أن قبضة دامية تعتصر قلبها !
فهمست پاختناق تحاول التبرير
أنا آآ أنا بس محبتش إنك تقعد كل ده من غير أكل وبرضو بسببي
فصړخ فيها عمار مشيرا نحو الباب
اطلعي برا وإياكي تحتكي بيا في أي حاجة