سجينة جبل العامري بقلم الكاتبة ندا حسن
بعنيها ولا تصدق ما تراه وكأن الآية انقلبت!
إزاي معقول!
حقيقة أخرى تحل عليها من المساء بطريقة غير معقولة وكأن الله يبعث إليها الحقائق واحدة تلو الأخرى لتستطيع التفريق ومعرفة البشر وما يفعلون من حولها
احتلت الصدمة كيانها وارتجف جسدها والشريط المار على عقلها لا يتوقف بكل ذكرى راحلة منذ البداية إلى الآن!
لكنها كانت في حالة أخرى بعيدة كل البعد عن التفكير به بل كانت تفكر بحياتها الضائعة سابقا والآن!
يتبع
رواية سجينة جبل العامري
للكاتبة ندا حسن
الفصل الثالث عشر
ندا حسن
أثر الصدمات الآتية من أكثر الأشخاص قربا وحبا لا يكون إلا كرها ومۏتا
نظرات مټألمة
ومخدوعة في سنوات راحلة ملامح لا تصدق الصدمة التي رأتها من باب الصدفة وأدركت مدى خطورتها على حياتها وحياة ابنتها قلب في لحظة تهشم وأصبح فتات ليس له أي قيمة جسد يرتجف پعنف يظهر على حركاته اللا إرادية الذهول التام وأدرك حينما أبصر الحقيقة أن أرضه كانت محتلة لسنوات عديدة ولكنها أحتلت بالحب والحنان أحتلت بالعطاء الوافر وفي الخلفية كانت الچرائم لا تعد ولا تحصى لم تدرك ذلك إلا الآن من باب الصدفة!
ايه ده
جذب منها الأوراق پعنف وخرج صوته بحدة
أنتي مش هتهمدي مين قالك تمدي ايدك على الورق ده
صړخت بوجهه وهي ټنهار وكل حصونها تقع مدمرة حولها من هول الصدمة فلا تستطيع تحملها
رد عليا بقولك رد عليا ايه ده
أجابها بعجرفة وهو يقف أمامها شامخا يعلم جيدا ماذا رأت لتكن بهذه الحالة
عارضته بقوة وحده
وصوتها يعلو أمامه
لأ يخصني يخصني أكتر منك
تقدم منها يقف أمامها أكثر إقترابا عندما رق قلبه ناحيتها ورأى رعشة جسدها الواضحة وملامحها التي تحولت إلى أوراق ذابلة
قولتلك يا زينة بدل المرة عشرة اتحكمي في فضولك وخليكي في حالك أنتي مش هتوصلي لأي حاجه إلا لو أنا اتكلمت وأنا مش هقولك حاجه لأن الحقيقة هي اللي
صړخت بوجهه منفعلة وهي تشير بيدها الاثنين بهمجية شديدة
ما تولع ياخي ما تولع أنا دلوقتي بتكلم في الورق ده! يونس يونس كان عارف كل حاجه أنت بتعملها كان شريكك
تعلقت عينيها به عندما وجدته صامت لا يجيب أطالت النظر إلى عينه الحادة فلم تدرك ما تقول وإلى ماذا تشير! وضعت يدها على صدرها تستعطفه وحالتها مذرية
أومأ إليها برأسه بقوة وتأكيد وبعدما كان مظهرها يؤثر على قلبه الجاف القاسې تهللت أساريره وهو يراها فرصة مناسبة لإبعاد يونس عن قلبها للنهاية وأن يرق قلبها ناحيته هو
آه كان عارف
صړخت پعنف وقسۏة وصوتها الحاد يخترق أذنيه قائلة باڼهيار
لأ لأ كدب كدب
كان أناني للغاية في
هذه اللحظات عندما وقف بجمود يتحدث بقسۏة لن تفيد أي شخص إلا هو
أنتي مچنونة ولا ايه سألتي ورديت والورق قدامك يثبت وأنتي عارفه إني مش كداب
تقف الدموع حبيسة على أعتاب جفنيها تأبا الهبوط بهذه السهولة أمامه ولكن الصدمة كبيرة للغاية على استيعاب عقلها وقلبها
لأ قول غير كده أرجوك قول غير كده إزاي يونس لأ طبعا مستحيل
حرك كتفيه وهو يستلذ بهذه النظرات الخارجة منها الغير مصدقة لما رأته وما قاله عن شقيقه ولكن في نفس الوقت تتغير هذه النظرات إلى الصدمة والذهول الذي يبغضه
طالما أنتي شايفه إنه لأ براحتك
تقدمت منه للغاية وأمسكت بيده بقوة تجهش في البكاء في لحظة ضعف أقل ما يقال عنها أنها جعلت قلبها فتات ملقى على الأرض بإهمال من قبل شخص تخلت عن بصرها لأجله! الدموع تنهمر من عينيها بغزارة كأنها كانت حبيسة لسنوات والآن تحررت
خرجت الكلمات منها متعثرة تتليها شهقات متفرقة ونظراتها نحوه تطالب بأن ېكذب كل شيء فليس من السهل عليها أن تتحمل هذا أيضا
جبل علشان خاطري قولي الحقيقة كلها ماينفعش يونس يبقى كده ولا حتى يعرف بالكلام ده
ضغطت على يده وهي تطالب منه مرة أخرى دامجه مع رجائها عن يونس أن يكون هو الآخر غير ذلك
قولي إن فيه حاجه غلط قولي إنك مش كده وكل ده كدب
نظر إليها لحظات وشعر لبرهة أنها تود أن يكون شخص آخر بكل جوارحها ولكن للأسف تحدث بجدية وهدوء ينعم بثبات غير طبيعي أمامها
دي الحقيقة أنا كده جبل العامري مچرم وقاټل ويونس كان عارف كل حاجه عني وكان شريكي
دب خنجر داخل قلبها معتقد أنه مازال في موضعه بكل قسۏة وأنانية
اومال أنتي مفكرة أن الفلوس اللي كان بيصرفها عليكم دي منين
تركت يده وبقيت ترتعش أمامه أردفت سريعا توضح له وتنفي ما يريد التلميح له
من شغله كان شغال في شركة محترمة ومكناش أغنية بالعكس كنا زي أي حد
تعالت ضحكاته وهو يسير مبتعدا عنها متقدما من خزانته ليضع الأوراق في مكانها وهو يقول ساخرا منها
عيشتي خمس سنين أنتي وبنتك وأختك بفلوسه اللي سابها وزي أي حد أنتي بتضحكي على نفسك
طمست على وجهها وأزالت عبراتها وهي تحاول أن تتحلى بالثبات قائلة بروعة
يونس كان طيب وحنين راجل بجد ومحترم ومثقف كان عاقل إزاي كده أنا هتجنن
استدار ينظر إليها ببرود ولا مبالاة وراق له ما يحدث كثيرا بل وأحبه أيضا ولو كان يعلم أن هذا سيساعده لجعلها ترى الأوراق منذ مدة ولكن كل شيء يأتي في موعدة
ممكن تكون الحقيقة صعبة عليكي بس في النهاية هي دي الحقيقة
أشارت إلى نفسها وهي تتحرك في الغرفة تحدث نفسها باستنكار واڼهيارها الداخلي أصعب بكثير مما يظهر عليها
كان بيبعدني عن الجبل وعنك
علشان كده! كان بيحذرني منك وأنا مكنتش فاهمه حاجه طلع كان عارف
وقفت تتابعه والكلمات تخرج منها بعفوية
كان عارف وكان شريكك طيب ليه كان بيحذرني منك ماهو كمان كان زيك
تشير إلى نفسها بدهشة وهي تهتف
أنا إزاي اتخدعت كده إزاي!
نظرت إليه بأمل واقتربت منه لا تستطيع تقبل ما يحدث لا تستطيع أن ترى زوجها الراحل بهذا الشكل والهيئة الذي عليها شقيقه قاټل مچرم لا تستطيع
فهو حقا لم يكن هكذا
الورق ده أكيد مزور أكيد غلط أنت عملت كده علشان أشوف يونس زيك صح قول الحقيقة أنت اللي عامل كده
وضع يده بجيب بنطاله كعادته الباردة وهو يتابعها دون ذرة رحمة أو شفقة لحالتها الچنونية المڼهارة
أنا لو عملت كده هستفاد ايه مثلا
أشارت إليه بقوة وصاحت بصوت مرتفع عال تقول ما أراده حقا ولكن لم يفعله فهو لم يأتي بخلده أن يفعل ذلك من الأساس
إني أكره يونس علشان أنت عارف إني لسه بحبه إني
زي ما اتقبلته اتقبلك أنت كمان وأكمل معاك وأحبك زي ما كنت بتقول
ابتسم ببرود قائلا
أنا لو عايز أعمل كل ده مش هعمله بالطريقة الهبله دي عندي طرق تانية أحسن وأسرع كتير
وضعت يدها على ذراعه تستطعف كل عضو به وعينيها تذرف الدموع بغزارة ويدها الموضوعة عليه يشعر بارتجافها قالت پانكسار وهي تسير خلف أي شيء ېكذب ما علمته
جبل فهمني بالله عليك ياخي تفهمني كل حاجه والله العظيم هعملك كل اللي أنت عايزة بس فهمني اللي بيحصل أنا مش قادرة استوعب
أنا عمري ما شوفتك كده
انسابت الدموع من عينيها بكثرة وضغطت على يده وهي تجيبه بتعلثم
دي صدمة عمري أنت قتلتني بجد
أكملت على حديثها تحت نظراته المستغربه إياها
أو هو اللي قتلني مبقتش عارفه مين فيكم الجاني والمذنب ومين الكويس البرئ
أجابها بمنتهى السهولة ينظر إلى عينيها مباشرة بعينيه الخضراء المخيفة ثم قال
إحنا الاتنين مذنبين وأكتر بس في فرق بينا الفرق إن يونس كان خواف وجبان كان مداري ده كله عنك بالحنية والحب وشوية الكلام الحلو بتاعه إنما أنا
ابتسم بخبث وحقارة ولذة المتعة تحلق في سمائه وهو يرى نظراتها نحوه التي تتحول كل لحظة والآخرى وعينيها لا تستطيع
التحكم بتلك المياة المالحة الخارجة منها كأنها نهر جاري
ويعلم جيدا ما الذي تفكر به
اقټلي فضولك قبل ما اقتله أنا
دفعت يده پعنف ليبتعد عنها ترفع يدها إلى وجهها تمحي دمعاتها تزيل وجود أثرها ثم صاحت بشراسة وقسۏة وهي تعود من جديد قائلة
فضولي مش ھيموت وضميري هيفضل صاحي مش هبقى زيكم عمري ما هبقى زيكم وأنا اللي بقولك يا جبل مش هطلع من الجزيرة دي إلا وأنا عارفه سرك وسرها وهكون أنا أنا زينة مختار اللي أنت ارغمتها على العيشة هنا هي السبب في خړاب كل اللي بتعمله وأنا قولتلك الكلام ده أول ما وقفت قصادك وأنا لسه عند كلامي وهيتنفذ وبكرة تقول زينة قالت
ابتسم وأكمل على حديثها ساخرا
وريني شطارتك يا غزال
تهكم عليها أكثر وهو يقلل من قدرتها على فعل ذلك سخر من كلماتها وهو يبتسم بتشفي قائلا
متعرفيش أنتي الواحد نفسه يتغير إزاي ويبقى بني آدم زي ما بتقولي يلا عايز أشوف همتك
تغيرت ملامحها وصمدت أمامه وهي تصيح قائلة
هوريك وعڼف بعدما أدركت أنها وقعت ببراثن عائلة العامري عن حق
أنت وهو أوسخ من بعض ومكنش المفروض أعرف حد فيكم
قال رافعا أحد حاجبيه للأعلى
قدرك ونصيبك ولسه الحلو مجاش
عادت للخلف بعدما تركها قائلة بجدية وثقة
مظنش في
حلو وأنا معاك
ابتسم وهو يبتعد خارجا من الغرفة شامتا بها والسعادة ترفرف داخله بكل ما حدث منذ قليل كسر أنفها بمعرفة حقيقة شقيقه الآن فقط لن تستطيع أن تقف أمامه وتتحدث عنه وتثرثر طيلة الوقت تشرح صفاته الذي لا مثيل لها أنهم الاثنين شخص واحد الآن هذا قاټل وهذا مثله
جلست على الفراش وانتحبت في البكاء مرة أخرى قلبها يدق پعنف وكثرة وجسدها بالكامل يرتعش
الدموع تنساب من عينيها بغزارة دون إرادة منها وعقلها يلقي عليها كل لحظة مرت عليها معه كيف له أن يكون هكذا كيف استطاع أن يكون ذلك الشخص الحنون الراقي العاقل
تخاف أن يكون حديثه صحيح وليس هناك ما يخفى عنها وتنصدم
مرة أخرى بأنه حقا قاټل مچرم ولكن هناك شعور داخلها ېكذب كل هذا يقول أن هناك ما يخفى عنها وعليها أن تعلمه لأنها أصبحت داخل المعركة تحارب بكل جوارها لتستطيع الصمود والبقاء أمام كل هذه الصدمات
لن تترك جزيرة العامري لن تفعلها إلا إذا سمحت لها الفرصة بذلك دون المخاطرة بحياة من معاها ستترك كل شيء حينها وتذهب دون عودة
ذهب جلال إلى منقطة الجبل بعدما تحدث معه عاصم طالبا منه اللحاق به إلى هناك حاول أن يسأله ما الأمر الذي استدعاه لأجله ولكنه لم يتفوه معه بشيء والآخر قد استغرب كثيرا لأن من المفترض إن كان هناك مهمة أو