الأربعاء 06 نوفمبر 2024

سجينة جبل العامري بقلم الكاتبة ندا حسن

انت في الصفحة 60 من 68 صفحات

موقع أيام نيوز


زافرا الهواء من رئتيه بضيق شديد فلا يستطيع التحمل أكثر من ذلك يكفي ما تحمله إلى الآن يود الجلوس ليفرغ ما بداخله ثم يستقبل صدمات أخرى وأفعال غير الذي قابلها..
أشارت له بالولوج إلى الغرفة ففعل ليجلس على الأريكة أتت لتجلس أمامه متحدثة بجدية
أنا عايزة أفهم كل حاجه حصلت يا جبل من البداية لحد دلوقتي..
أومأ إليها برأسه موافقا على حديثها الآن أتى الوقت المناسب للبوح بكل سر أخفاه عنها حرك رأسه مفكرا قليلا تحت أنظارها يبدو أنه لن يبوح عن كل الأسرار لا يجوز أن يفعل هذا إن كان هناك حزن مرة سابقة فلما سيكون هناك حزن للمرة الثانية على نفس السبب!..

مع وصول أونصة الذهب إلى مستويات قياسية تجاوزت 2500 دولار، يجد المواطن المصري نفسه مضطراً لموازنة استثماراته بين الذهب واحتياجاته الأخرى، خاصة مع ارتفاع أسعار السيارات مثل تويوتا، هيونداي، وبي إم دبليو، مما يزيد من التحديات المالية التي يواجهها.
تحدث متنهدا بعمق
أنا مكنتش بكمل مسيرة أبويا المشرفة
قطبت جبينها باستغراب تتابعه بعينيها قائلة مستفهمة
يعني ايه
تنهد مرة أخرى يخرج ما بجوفه بجمود يلقي عليها الحديث بطريقة باردة وكأنها لا يشيء
أنا كنت شغال مع الحكومة بساعدهم في القبض على تجار
ولكن أثر الكلمات عليها كانت صاعقة لم تتحملها وهي تناظره بحدة وذهول تام تسأله
أنت بتقول ايه يا جبل
أومأ إليها يؤكد على حديثه مكملا بجدية
اللي سمعتيه أنا مش تاجرده اللي انتوا تعرفوه والجزيرة والكل لكن الحقيقة هي أن أنا شغال مع الحكومة
حرك يديه بارهاق يشير إليها موضحا ما حدث في الأيام الماضية
تتأثر أسعار السيارات من شركات مثل مرسيدس بتقلبات أسعار الذهب وسعر صرف الدولار، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والاستيراد.
مكنش حد يعرف غير عاصم وبعدين زينة سمعتنا تمارا وبعد ما خرجت من الجزيرة قالت لطاهر ولو هو متأخرش في

أنه يوديني ورا الشمس مكنش زماني هنا دلوقتي
سألته بعينان متسعة عليه ترى كذبه وخبثه عليها
كل ده كنت بتكدب عليا
نظر إليها بجدية وعمق ثم سألها وهو يتقدم للأمام منها
فرحانه ولا زعلانه بالكدبة
لم تجيبه وبقيت تنظر إليه باستغراب أليس من المفترض أنه أكمل مسيرة والده كي يأتي بحقه أليس من المفترض أنه يثأر لوالده الذي قتل على يد الشرطة منذ سنوات وشقيقه الذي ذهب غدرا وحرمت منه وهو في ربيع شبابه..
كان يعلم ما الذي تفكر به وهو تناظره بهذه الطريقة القاسېة فتحدث ساخرا مبتسما بارهاق شديد
مبتردش ليه كنتي فخوره بابنك ومستنية مصيره يبقى زي أخوه وأبوه
أجابته بقسۏة وعڼف تنظر إليه بحدة خالصة
أبوك اللي الحكومة قټلته وأخوك اللي اتاخد غدر
انفعل وهو يقترب للأمام أكثر بجسده يبغض ما تتحدث عنه ويبغض الخروج عن القانون يبغض ما فعله والده وشقيقه وتلك السمعة التي تركوها له من بعد رحيلهم.. يبغض أنه رجل قانون وهم خارجين عنه يبغض أنه تخلى عن حلمه لأجلهم
أبويا اللي قتل نفسه لما مشي في الطريق ده وأخويا مصيره كان لازم يبقى زيه لأنه شجعه وسهل ليه شغله بره وجوا مصر
سخرت منه وهي تعود بذاكرتها للخلف تتذكر شجاره الدائم مع والده وشقيقه تتذكر كم كان يكره ما يفعلونه وذلك اليوم المشؤوم الذي ترك الجزيرة به متخليا عن الجميع لأجل أن يسير في طريق نظيف
يؤدي ارتباط أسعار الذهب وسعر صرف الدولار بتكاليف المواد الخام والاستيراد إلى تأثير مباشر على أسعار السيارات في الأسواق.
أنت راجل القانون اللي مكانش عاجبك حالهم
تابعها وهو يرى سخريتها الممېتة منه ألا يحق له أن يكون رجل ناجح نظيف برئ من كل التهم المنسوبة إليه ألا يحق له أن يكون شاب يسير في دروب الحقيقة والعدل! لقد وقع في طريق الظلام عنوة عنه وعندما أراد الخروج ترك ما يحبه ويبغاه
اديكي قولتي راجل القانون
أشار إلى نفسه بحدة كبيرة يتحدث بقسۏة وغلظة يخرج النيران الحبيسة داخل أعماقه منذ الكثير من السنوات ينتظر أن تعبر عن رضاها عما فعله
لازم تبقي فخورة بيا.. لازم تحسي إن ابنك مافيش زيه.. أنا حميت ناس كتير ووقفت مع ناس كتير.. أنا مستني نظرة رضا منك عن كل اللي عملته
صمتت قليلا تنظر إلى الأرضية تبعد عيناها عنه تتذكر كل شيء مر عليهم منذ سنوات وكأنه حدث بالأمس يمر أمامها شريط سريع لكل شيء ولكن قلبها يقول غير الذي حفظته عن ظهر قلب يقول إنها خسړت اثنان وبفضل الوحيد المتبقي جعل رائحة الراحل معها وأتى بابنته إليها ليفعل كل ما يرضيها أتى بها بالحب والحنان وأصبح والد آخر لها أتى بها إلى جدتها لتشعر بأن ولدها مازال معها وهو في الحقيقة تركها منذ زمن..
تنهدت زافره الهواء بهدوء ونظرت إليه بعد أن فكرت في حديثه لدقائق بسيطة ينتظر بها ردها الفاصل لكل ما فعله
وأنا راضية عنك يا جبل مهما عملت.. صحيح أنت ذكي ومخلتنيش أشك فيك ولا مرة بس كنت حاسه أنك بتعمل حاجه صح..
ابتسمت بحب قائلة وهي تقترب تضع يدها تربت على فخذه
ربنا يرضى عليك
ابتسم بارهاق وهو ينظر إليها پضياع لو تعلم أن والده كان على قيد الحياة منذ سبع سنوات واليوم حتى لقى حتفه على يد طاهر لو تعلم أنه هو الذي طلب منه إخفاء هذه الحقيقة لو تعلم أن الجالس أمامها ېموت قهرا روحه ټنزف ألما وقلبه يبكي بدلا من عينيه الظاهرة للجميع دماء..
تنهد بعمق محاولا الثبات أكثر تركها وصعد إلى الأعلى غير مصدقا أنه وصل إلى باب الغرفة فتح الباب وولج إلى الداخل لينظر إليها نائمة على الفراش يبدو أنها تغط بنوم عميق فالصباح أشرق منذ القليل..
تنهد للمرة التي لا يعلم عددها وهو يشعر بالعجز دالفا إلي الداخل يجلس على الفراش يعطيها ظهره..
وجد من يحيطه من الخلف فاستدار ينظر إليها ليجدها جلست على الفراش تغمره لا يدرى متى استيقظت فسألها باستغراب
كنتي نايمة
حاوطته بيدها وغمرته بقلبها تجيبه بهدوء تحاول أن تزيل النعاس
لأ أنا صاحية لحد من شوية بس غفلت.. كلمتك كتير أوي موبايلك كان مقفول
تابعت مظهره الغير مهندم وملابسه المتسخة غير مظهره الذي لا يوحي بالخير فتفوهت مستفسرة
عملت ايه مال شكلك والأمان تجعله يشعر بأنها جواره في كل الأحوال تنتظر

الحديث لتستطيع أن تخفف عنه وتواسيه.. وهو هكذا فقط تربت على أحزانه ونظراته المنكسرة لا شيء غير ذلك.. فقط تنظر إلى ما يصدر عنه تشعر بأن هناك حمل ثقيل يحمله وحده فوق أكتافه ويبدو أنه أكبر بكثير من المرة السابقة..
إلى هذه الدرجة تخلل الحزن قلبه وتغلب عليه الألم والقهر إلى هذه الدرجة لم يعد قادرا على التحمل ليلقي كل آلامه هنا بين أحضانها صامتا لا يخرج منه شيء سوى أنفاس وعبرات محترقة لا يسمح لها بالخروج أبدا مهما حدث..
بعد وقت آخر مر وهو على نفس الحال رفع وجهه إليها بعدما شعر أنه أصبح أفضل من ذي قبل ينظر إليها پألم تنساب الحړقة من عيناه دون أي مجهود منه ليصل إليها..
سألته واضعه يدها أعلى كف يده على الفراش تضغط عليه لتشعره بوجودها
ايه اللي حصل
تنهد بعمق ناظرا إليها بسخرية
ايه اللي حصل.. سؤال بسيط بس الإجابة صعبة أوي يا غزال
ابتسمت بهدوء قائلة برفق
هسمعك
زفر الهواء بحدة وعاد للخلف يستند إلى ظهر الفراش ينظر إليها ثم بدأ في الحديث يقص عليها كل شيء من البداية بعد أن انكشف سره إلى الجميع لما هي لا
أبويا هو اللي كان تاجر. بيساعده يونس يونس اللي طمع في الفلوس والجاه والغنى وأنه يبقاله كلمة مسموعه وسط الناس كبرها في دماغه ووسع نشاطه بقى أكبر تاجر في البلد..
كانت تستمع إلى حديثه بعينان دامعة وقلب ېنزف كرها إلى هذه الدرجة كانت غبية مخدوعة به إلى هذه الدرجة مر عليها سنوات معه ولم تستطع أن تفهم ولو مرة واحدة أو تشك بأنه يفعل أشياء غير قانونية يطعمها هي وابنتها بمال محرم مغطى بدماء الكثير من الأبرياء.. ودوما كان يحذرها من جبل وكأنه هو الذي يأخذ مكانه وذلك البرئ يونس لا يوجد مثله رجل وقور مثقف ومهذب!..
شعر بما تفكر به ورأى نظرة الألم والحسړة مرتسمة على عيناها الدامعة ليكمل بجدية حزينة ونبرة خاڤتة ساخرة
محسوبك كان محامي كان حلمي إني ابقى محامي أدافع عن المظلوم وابقى عادل وأدين الظالم محسوبك كل الناس وقفت ضد رغبته أولهم يونس وأبويا بس بعدين أبويا وافق قالك علشان لما يقعوا أنا الحقهم..
تابعته وهو يتحدث وتعمقت في حديثه تتذكره وهو حاكم عادل بين الجميع يأخذ بالٹأر من الظالم ويرد للمظلوم حقه أكمل بجدية وهو ينظر إلى الفراغ
كتير حاولت ابعدهم عن الطريق ده ولما يأست حاولت أنا أبعد..
رفع بصره إليها خجلا عيناه تمطر عليها نظرات الخيبة ليكمل بصوت خاڤت
بس.. أبويا أبويا اتمسك متلبس واټصاب كان بېموت بس مماتش وأنا مقدرتش أعمله حاجه لما حس أن حياته بتروح وفهم أن اللي عمله كان أكبر غلط في حياته اعترف.. اعترف على نفسه..
اسطرد يكمل بحزن تخلل داخله ووصل إلى أعماق قلبه
اعترف بكل حاجه عملها . خد مؤبد كل ده ومحدش يعرف غيري أنا.. أنا بس
قطبت جبينها عليه مضيقة عينيها تتسائل داخلها كيف حدث كل هذا وهو الوحيد الذي يعلم! خرج السؤال من بين شفتيها باستغراب
إزاي
تفوه بجدية وإيجاز
ماټ.. قولنا إنه ماټ
سألته مرة أخرى باستغراب أكبر لا تفهم ما الذي يقوله ولا تستطيع أن تستوعبه ويوافق به عقلها
إزاي الكلام ده أتصدق
أومأ برأسه يتفهم أن ما يقوله صعب التصديق ولكنه بالفعل ما حدث يكمل بصدق وهدوء
هنا في الجزيرة الكلمة اللي أنا بقولها هي اللي بتبقى الحقيقة أبويا اتحبس بره الجزيرة وطالما بره الجزيرة مستحيل حد يعرف ده غير أن أنا كنت متفق مع الحكومة
لا يقف عقلها عن إلقاء الأسئلة عليها وبدورها هي تخرجها من شفتيها تعرضها عليه لتلقى منه إجابة مقنعة
إزاي اشتغلت معاهم وأنت ابن تاجر
نظر إليها للحظة بعمق وجدية شديدة لتخرج الكلمات من بين شفتيه بحدة
أنا اللي بلغت عنهم
نظرت إليه بقوة اتسعت عينيها من أثر الصدمة التي ألقاها عليها بمنتهى الجدية والثبات وكأن ما قاله أمر عادي قابل للتصديق والصمت من بعده..
ابتسم على نظرتها نحوه ولكنه أكمل بجدية
من بعدها شغلي كان مع الحكومة سري لأبعد حد لحد النهاردة محدش يعرف إني بلغت غيرك.. أنتي بس حتى عاصم مايعرفش
وجدها مازالت تنظر إليه نفس تلك النظرة الغريبة كليا وكأن عقلها لا يصدق ما قاله فسألها بخفوت ورجاء ينبعث في نبرته ألا تشعره بالذنب
أنا غلطت
ابتسمت وهي تقترب منه تقبض على يده بقوة تنظر إليه بابتسامة كبيرة لا تصدق أنه فعل هذا ويشعر بأنه المخطئ بعد كل ما قدمه إليهم مازال يشعر أنه المخطئ قالت برفق وهي تضع يدها على وجنته تمررها برفق
لأ يا جبل مغلطتش.. أنت عملت اللي عليك يا حبيبي حاولت تبعدهم عن الطريق ده ومعرفتش.. انتمائك لبلدك وحبك ليها هو اللي خلاك تعمل كده.. كرهك للظلم هو اللي خلاك تعمل كده
قال بخفوت وحزن
كتير من الأوقات بحس بالذنب
أومأت إليه برأسها بالرفض الشديد لما يقوله متحدثة بصراحة وقوة
ماينفعش تحس بالذنب أنت صح..
نظرت

إلى أعماق عيناه الخضراء تتذكر
 

59  60  61 

انت في الصفحة 60 من 68 صفحات