الفصل الأول
_
فى حى بسيط من أحياء عروس البحر المتوسط فى الصباح الباكر كان يعج ذلك الحى بالسكان والمارة فى الشوارع وفى أحد المنازل البسيطة جدا داخل بناية مهترئة تكاد تسقط بمن فيها تفتح تلك الشابة الجميلة ذات العشرون ربيعا كالبدر ليلة اكتماله بوجهها الأبيض الصبوح وليل عيناها البراق كأنها ليلة ممطرة سماؤها معتمة من شدة سوادهما تحيط بهما رموشها الكثيفة كحماية لتلك السماء الممطرة شعرها اسود طويل يصل حد خصرها ويطول تطل من نافذة غرفتها لتطالع أشعة الشمس الذهبية لتكتمل تلك اللوحة البديعة من صنع الخلاق
قمر الحتة كما يسميها أبناء وبنات حارتها انتبهت لوقوفها بدون حجاب فأسرعت بالتقاطه من السرير بجوارها ووضعته على رأسها كيفما اتفق لا تهتم لبعض الخصلات المتمردة من الشعر الفحمى التى تأبى الانصياع لقيدها تريد التحرر كالامواج الهائجة
عادت مرة أخرى تنظر من النافذة لتطالع أعينها أجمل ما يمكن أن ترى تكاد تقسم أنها لم ترى أجمل منه قط ولن ترى أجمل من هذا يوما بطلها المغوار أملها فى النجاة فهو حقا يشبه البطل بمطرقته الحديدة التى يطرق بها فى جدية وتركيز ذاك الشاب ذات الطلة البهية البالغ من العمر خمسة وعشرين ربيعا ظلت تتطلع له شاردة فى رجولته الطاغية هيئته الوسيمة ومظهره لا يليق به ابدا هذا الجمال لايناسبه نهرا العسل الذان يفيضان من عينيه يرويان ظمأها بنيته القوية التى اكتسبها من عمله كحداد ليلا ونهارا شعره الأسود القصير الامع بشرته البرونزية بفعل الشمس الحاړقة التى تلفحها كل صباح كان يشع رجولة ووسامة لا تليق ابدا بثيابه المهترئة والبيئة المحيطة به ببنطال جينز ردئ وقميصه الأبيض البالى والملطخ بالسواد بينما تتطابق هيئته مع هيئة تلك الملاك التى تتطلع له خلسة من نافذتها .......
ارتفعت عيناه لعينيها المراقبتين.... وسرعان ما اسبلت جفنيها لتنخفض رموشها الكثيفة وتوارى خلفها ليل عينيها حالك السواد...... تمنع احراجها من اكتشافه لمراقبتها ....... فهو يعرف تمام المعرفة ما تكن له بقلبها....... تراه فارسا لاحلامها البسيطة المتناسبة مع كينونتها الهشة ....... وتعلم هى كم هو هائما فيها عشقا متيما بها غارقا ...... فى بحور عينيها السوداء التى لا يجيد السباحة بهما مهما تعلم وتدرب..... فيقع صريعا بهما .......ظل يطرق بمطرقته الحديدية على ما بيده وصدى صوتها يتردد فى اذنها كالترنيم ...... وهو يختطف النظرات من وجهها الصبوح ...... ويعلو ثغره ابتسامة تكاد تكون مهلكة من شدة ماتحمله من مشاعر لتلك الواقفة تطالعه بعشق تام ...... عضت على شفتها السفلى وارتبكت عند سماعها صوت أمها اتيا من خلفها مهللا سلطانة بت يا سلطانة .......وفور دخول آمها الغرفة كانت تغلق أبواب نافذتها فى سرعة وارتباك وقابلت نظرات آمها التى تتطلع إليها بشك كنتى واقفة كده ليه يا بت .......ردت عليها سلطانة بتلعثم مفيش يا أمه بشم شوية هوا ع الصبح حرام ولا ايه ...... اقتربت منها أمها نعمات وامسكت اذنها كعقاپا لها حسك عينك الاقيكى فاتحة الشباك ده تانى فاهمة يابت نعمات ورحمة ابوكى الغالى اللى مابحلف برحمته كدب لكون مقطعة من جتتك نساير اتلمى يابت ماتفضحيناش فى الحتة مش كفاية كل ما يجيلك عريس ترفضيه .........نظرت لأمها بذهول ممزوج بالصدمة ولكن سرعان ما تلاشى بفعل الامها الناتجة من ضغط أمها على اذنها الممسكة بها فى قبضتها فصړخت تستجديها آآآه حرام عليكى يا أمه سيبينى يعنى هو أنا كنت عملت ايه لكل ده
اجبتها نعمات پغضب مش عليا أنا يا سلطانة مش عليا أنا يا بت بطنى واقفة فى البلكونة تانى قصاد الواد الحداد ده هقول لابن عمك يقصف رقبتك ...
احتدت الأخرى لتقول پغضب مماثل ويعنى مالوا الحداد ده احسن منه فى ايه ابن عمى عشان يرفضه مش احسن منه الخمورجى بتاع النسوان على الأقل ده عايش بشرفه
ردت الأخرى بزعر يابت الله يخربيتك هتفضحينا وطى صوتك ابن عمك يسمعك دلوقتى ....
ردت سلطانة پغضب بقدر مايشتعل داخلها لا يا أمه مش هوطى صوتى خليه يسمع عشان يخلى عنده ډم ويحل عن سمانا ورحمة ابويا يا امه لو تكونى موافقة على طلبه من الجواز من أميرة لكون وخداها وماشية وماهتعرفيلنا طريق جرة
احتدت نعمات والشرر يتطاير من عينيها طب اسمعى بقى عشان مش هتيجى على آخر السنين تهددينى جواز من المخفى اياد مفيش وانا اللى هقفلك واميرة اختك مش هتتجوز غير سعيد ابن عمك وأعلى ما فى خيلك اركبيه انتى وهى
وتركتها تغلى ڠضبا خارجة وصفقت الباب ورائها بقوة دون أن يهتزر لسلطانة رمشا ولم تستمع لردها فزادتها استعالا وهرولت دموعها للتسابق فى السقوط على وجنتيها الناعمتين ولم تجد مخرجا من همومها سوى رؤية عينيه ففتحت نافذتها مرة أخرى لتجده واقفا فى مكانه
ينظر لها بحزن وڠضب من نفسه لعدم قدرته على احتواء سلطانته وإعطائها الطمأنينة والأمان الذى ترجوه منه يلعن تلك
الظروف الذى